مشروع إعلامي كان من المفترض ان يستمر به نجيب ساويرس محاولة ثانية للنجاح في مجال الإعلام لتكون احد الاذرع التى يستخدمها فى التوجة الذى يريده للحفاظ على ثروة قدرها 8.4 مليار دولار في عدد من أصعب الأسواق في العالم.
أطلق ساويرس في 25 نوفمبر من العام الماضي منصة "موني فاي" (Moniify) بحيث تكون بمثابة "سي إن بي سي" لجيل "تيك توك".
استهدفت المنصة الجيل الجديد من روّاد الأعمال في الأسواق الناشئة، وقد أُطلقت من دبي المدينة المزدهرة، كمنصة إعلامية جديدة تهدف إلى كشف أسرار بناء الثروة لجمهور شاب طموح، مدعومة بشخصية حققت هذه الثروة فعلياً.
مع اقتراب موعد الإطلاق في نوفمبر، شرعت الشركة في حملة تعيينات مكثفة من نيويورك إلى الشرق الأوسط، وقدمت عروضاً مغرية للموظفين الجدد.
تم تعيين مايكل بيترز، الرئيس التنفيذي السابق لقناة "يورونيوز"، رئيساً تنفيذياً للمنصة، واستقطبت الشركة أيضاً ياسر بشر، الذي أسّس القسم الرقمي في شبكة "الجزيرة"، كمستشار أول لساويرس.
كان الانطباع السائد أن "موني فاي" قد لا تحقق إيرادات في البداية، لكنها تتمتع بتمويل يمتد لسنوات، ما طمأن كثيرين بفضل الثروة الكبيرة لساويرس.
أُقيم حفل باذخ بمتحف المستقبل في دبي إيذاناً بالانطلاقة الرسمية لـ"موني فاي"، ما زاد من التفاؤل والزخم.
استعانت الشركة بالثنائي الفرنسي "لي فراينش توينز" لأداء عرض سحري، وظهر ساويرس بشخصية "دي جي" على غرار ديفيد سولومون.
وأمام الحضور الأنيق، تحدث عن المشروع الجديد بنبرة أصحاب المشاريع الخيرية، وضحك بأسى على ما أنفقه حتى ذلك الوقت.
قال ساويرس، البالغ من العمر 70 عاماً: "في مثل عمري، يبدأ الإنسان بالتفكير: أحتاج أن أفعل شيئاً لإرثي، شيئاً أقدمه للمجتمع".
أضاف: "لذا، كل ما أنفقناه على ’موني فاي‘ يُصنف ضمن هذا البند".
بدأت الشركة بتنفيذ عمليات تسريح واسعة في يناير، وغادر بيترز منصبه، وكل ذلك دون تفسير يُذكر للموظفين.
لتتولى لانا ابنة ساويرس قيادة الشركة بعدما تم التخلي عن العديد من الطموحات الأصلية.
اتخذ الملياردير نجيب ساويرس نهجاً بعيداً عن التدخل حتى لحظة الإطلاق، ثم فوجئ بسرعة استنزاف الأموال التي قُدّرت بعشرات ملايين الدولارات.
كما أن تعدد الأسماء التي بدت مسؤولة قبيل البث تسبب بارتباك لدى بعض الموظفين.
لكن الأهم ربما، أنه لم يكن هناك تصور داخلي واضح لكيفية تحقيق الإيرادات من منصة "موني فاي".
لم يرد ممثلو ساويرس على طلبات التعليق عبر البريد الإلكتروني أو الهاتف، ورفض كل من بيترز وبشر التعليق.
يُعد ساويرس من أصحاب الخبرة الطويلة في عالم الصفقات، وهو على دراية جيد بالبيئات الاقتصادية المعقدة.
بعد مسيرة في قطاعات الاتصالات والتعدين شملت دولاً مثل كوريا الشمالية وباكستان، قال ساويرس لفريق "موني فاي" إن هذا المشروع سيكون آخر مغامراته، وفقاً لتصريحاته آنذاك.
أشار إلى أنه نادراً ما يفشل في مشاريعه، داعياً الموظفين إلى إنجاح هذه المغامرة.
ليس ساويرس أول ملياردير يصطدم بتعقيدات قطاع الإعلام..فعلى الرغم من امتلاكهم ثروات ضخمة وأفكار طموحة، واجه عدد من الأثرياء تحديات في تشغيل الصحف والقنوات التلفزيونية وحتى مواقع التواصل، سواء بسبب الخسائر أو خلافات على الاستقلالية التحريرية.
تجربة "موني فاي" تبرز مدى صعوبة اختراق المشهد الإعلامي وتحقيق الأرباح في عالم مزدحم بالمنافسين، ويعاني من تقلص فترات الانتباه لدى الجمهور.
بدأت علامات التحول تبرز حين زار ساويرس دبي في مطلع العام الجديد.
فاجأ الحضور بمناشدته الصحفيين وآخرين مساعدته في ابتكار استراتيجية إيرادات لـ"موني فاي"، ما أعطى انطباعاً لدى البعض بأنه بعيد عن التفاصيل، أو أنه يواجه أزمة في خطة العمل كان يُفترض بفريقه أن يعالجها مسبقاً.
في البداية، عيّن ساويرس شخصيتين متباينتين لإطلاق المشروع.
فقد سبق لبيترز أن ترأس قناة "يورونيوز" خلال ملكية ساويرس لها، قبل أن يبيع حصته الكبرى بعد معاناة القناة من الخسائر.
في "موني فاي"، كان بيترز يوصف بأنه كان يعمل من خلف الكواليس ولم يتحرك بسرعة كافية في مراحل التأسيس، فيما بدا أن بشر تولى زمام القيادة مع اقتراب موعد الإطلاق، وكان يُنظر إليه داخلياً على أنه المدير الأكثر نشاطاً.
هذا التباين أوجد انطباعاً لدى البعض بأن هناك صراعاً داخلياً على السلطة في قلب المشروع.
انتهى دور بشر الاستشاري مع اقتراب موعد الإطلاق، تاركاً بيترز على رأس الإدارة. عندها، بدا أن ساويرس بدأ يشعر بالقلق من مسار المشروع، وأبدى البعض داخلياً دهشتهم من غياب استراتيجية واضحة لتحقيق الإيرادات من محتوى "موني فاي".
كما بدأت التساؤلات تتصاعد داخلياً بشأن عدد الموظفين الكبير والوتيرة السريعة لإنفاق الأموال.
فقد أطلقت "موني فاي" عدة برامج، كل منها بمدير مستقل.
ووفقاً لمطلعين، بلغت ميزانية عام 2025 نحو 50 مليون دولار، بعد أن كان ساويرس قد ضخ في المشروع مسبقاً عشرات الملايين.
لكن بعد أسابيع قليلة من الإطلاق، بدأ تقليص المشروع وتسريح الموظفين.
كانت الصدمة الأكبر من نصيب أولئك الذين انتقلوا إلى الإمارات من الخارج؛ إذ إن متطلبات التأشيرات الصارمة جعلتهم يواجهون احتمال الترحيل إذا لم يعثروا سريعاً على وظيفة بديلة.
كارلي رايلي، البالغة من العمر 31 عاماً، انتقلت من نيويورك إلى دبي في بداية نوفمبر 2024 لتقديم البرنامج الرئيسي "موني فاي ديلي"، المختص بالتكنولوجيا والتمويل. عملت لثلاثة أشهر فقط، قبل أن يتم الاستغناء عنها مطلع فبراير.
قالت في مقابلة: "كان من الواضح تماماً لأي شخص تحدث مع أي مسؤول أن المشروع لديه تمويل كافٍ لثلاث إلى خمس سنوات".
وأضافت: "كانوا يعلمون أن الأمور تحتاج إلى وقت".
غادر بيترز منصبه في مطلع العام الجديد، في الوقت نفسه تقريباً الذي نُشرت فيه مقابلته مع ماي ماسك، والدة إيلون ماسك، ضمن سلسلة "آيكونز" على "موني فاي". وحلّت مكانه ابنة ساويرس "لانا" التي كانت تعمل سابقاً كمديرة الاتصالات الرقمية في "كريستيان لوبوتان" ومديرة فنية لدى "كيث".
جاء التغيير بشخصية أقرب إلى جمهور "موني فاي" المستهدف في دبي.
فقد أسس ساويرس هذه المنصة انطلاقاً من فكرة بسيطة: إن الشباب كثيراً ما يسألونه كيف يمكنهم أن يصبحوا أثرياء.
قال ساويرس في فيديو على قناة "موني فاي" في يوتيوب: "فكرت، لماذا لا أقدّم أداة أو منصة تمنحهم كل ما يحتاجونه في حزمة واحدة تساعدهم على تحقيق أحلامهم؟"
أضاف: "لطالما أحببت أن أرد الجميل للمجتمع، والأفضل أن أقدمه للشباب، للجيل الجديد. هذا كان الدافع".
اليوم، تعتمد "موني فاي" في الغالب على محتوى مرئي قصير ونصوص محدودة، في وقت توجه فيه لانا ساويرس المنصة نحو مواضيع التمويل الشخصي، مثل توقيت جني الأرباح في السوق الصاعدة، والفخاخ المالية التي تجعلك فقيراً، وشراء الأحذية الرياضية كاستثمار.
قالت في أحد الفيديوهات الحديثة: "التمويل، والأعمال، وريادة الأعمال، يجب أن تكون ممتعة أيضاً".
إرسال تعليق